على ضفاف الفلسفة.

جديد فلسفي: لحسين الهنداوي
ايلاف / الأحد /2/2006
بغداد: ;على ضفاف الفلسفة; هو عنوان الكتاب الجديد للكاتب العراقي د. حسين الهنداوي والصادر في بغداد قبل ايام عن مؤسسة (بيت الحكمة)، ضمن سلسلة (كتاب الحكمة الشهري). وتزين غلاف هذا الكتاب لوحة للفنانة العراقية اناهيت سركيس، فيما يضم بين دفتي جزئه الاول هذا اكثر من عشر محاولات فكرية تتمحور جميعا حول قضايا فلسفية معاصرة من بينها دراسات في الفلسفة السياسية احداها حول ;تناقضات التأسيس الأرسطي لمفهوم الاستبداد الآسيوي;، واخرى بعنوان ;فوكوياما بين الفلسفة والاستراتيجيا: نهاية تاريخ أم نهاية التاريخ؟;، وغيرها عن ;غياب ظاهرة الفيلسوف في الثقافة العربية المعاصرة; ودور غياب الحرية كسبب اساسي فيه، و;سارتر والحرية كتراجيديا; و;فكرة الدولة بين الضرورة والمثال;. كما هناك مكانة مهمة ايضا لقضايا تخص فلسفة الفن من بينها محاولة عن جدلية ;الصراع بين الوظيفي والجمالي في فن العمارة; وثانية بعنوان ;الترجمة الفلسفية ونحو فلسفة للترجمة; كما تناولت محاولات غيرها مقالات حاولت ان تدخل في نطاق النظر الفلسفي المحض ودارت حول ;الميتافيزيقيا الاسماعيلية وقدرها; و;مقدمة عن هيغل والإسلام; و;هيغل وأهل الحلة!; و;على الفلسفة ان تجيب بشكل دقيق دائماً; و;حين تصبح الفلسفة علما بحتا; و;حسام الآلوسي وفلسفة الاخلاق; وسواها… والهنداوي، المولود في مدينة الهندية (طويريج) في نهاية 1947، وأول رئيس لمجلس مفوضية الانتخابات في العراق، متخصص في الفلسفة الهيغلية وله في قضاياها قبل هذا الكتاب عدة مؤلفات منها ;هيغل والاسلام; (1987 بالفرنسية)، و;التاريخ والدولة ما بين ابن خلدون وهيغل; (دار الساقي – بيروت 1996)، اضافة الى قيامه بترجمة كتاب ;هيغل والفلسفة الهيغلية; عن الفرنسية (الكنوز الادبية 2004) كما له مؤلفات عدة تحت الطبع بالعربية هي ;استبداد شرقي ام استبداد في الشرق؟;، و;مقدمة في الفلسفة البابلية;، و;لبنان 1991، رحلة في كوكب ممزق;، و;الايام; وهو مجموعة شعرية جديدة.
ويقول الهنداوي في مقدمته لهذا الكتاب عن اختياره ;على ضفاف الفلسفة; عنوانا له، ان مادته هي ;محاولات في الكتابة تمس قضايا في الفكر والايديولوجيا، ولدت متفرقة وفي اوقات متناثرة من العقدين الاخيرين ودون تنسيق قبلي ولا خطة منهجية واضحة ولم تحلم ابدا من قبل ان تكون معا يوما في كتاب; مشيرا الى ان انها ;تظل في نقطة حميمة منها تتقارب بل تتكامل لا سيما في سعيها المشترك وربما الواعي لمواصلة الدوران في رحاب عالم بدا لي خاصا وواحدا ومنسجما في سعيه الى التعبير عن نفسه بحرية وبساطة وثقة انما على ضفاف الفلسفة;. ويعتقد الهنداوي ;إن الولادات الاولى لهذه المحاولات الفكرية ;تحمل دائما نكهة فطرية وحرارة اصالة خاصة لا تذبل بالضرورة مع الايام كما تعكس تمردات ونزوات بل حتى تناقضات في البحث قد لا نجدها في صيغها اللاحقة الاكثر توظيبا او عمقا او مسؤولية او بيروقراطية;.
ويشدد المؤلف في كل الكتاب على اهمية دقة المفهوم في الفلسفة، وفي التدليل على المحمولات بما فيها الاكثر جوهرية ورصانة بل خاصة هذه. وبرأيه ان على الفلسفة الجواب على اي سؤال يواجهها بداهة، انما عليها ان تجيب بشكل دقيق. فهذه اهم فوائدها. اما عن مهمتها الرئيسية، فيتفق مع هيغل بالقول ان مهمة الفلسفة وجوديا هي ;فهم ما هو قائم; لكن العلاقة بين الفلسفة وما هو قائم (اي التاريخ الفعلي للكون) هي علاقة ديالكتيكية عميقة فكلاهما يفترض الآخر لوجوده، وكلاهما ينتصر بأنتصار الآخر. فعلاقة الفلسفة بالحياة هي كالوعي الذي يكونه العالم عن نفسه وعن تحولاته الانسانية وبين نفسه ذاتها. لأن كل تفكير، كل تكوين وعي عن الذات يتم عبر الذات، لكن هذا يتطلب الديالكتيك لأنه يفترض تقسيما للذات عبر الذات، ولأن الذات لا تتطور الا في خضم لحظاتها الداخلية المتعددة والمتضاربة والمعقدة.
في الدراسة الاولى عن ;تناقضات التأسيس الأرسطي لمفهوم الاستبداد الآسيوي; سعى المؤلف الى دحض الارضية التاريخية لمفهوم ;الاستبداد الشرقي; عبر دحض اسسه المنطقية وتفنيد مصداقية نسبته الى أصول في الفلسفة الاغريقية القديمة ولدى آرسطو خاصة. واذ لا يستبعد الهنداوي ان يكون ارسطو طاليس (384- 322 ق.م) الاب الاول لهذا المفهوم، بسبب مقاربته الصريحة في كتابه ;السياسة; ما بين العبودية وآسيا، لاسيما في غياب أي نص أو تصور آخر، في كل تاريخ الفكر السياسي السابق عليه، يؤسسس علاقة سببية بين ;الاستبداد والجغرافيا، الآسيوية أو غير الاسيوية، فانه لا يستبعد بالمقابل ان تكون عبارات ارسطو اعلاه، وربما قسم مهم وكبير من كتاب ;السياسة;، محض تلفيق منتحل صنعته ريشة مؤلفين اغريق أو رومان أو أوروبيين لاحقين لاسباب سياسية أو ايديولوجية خاصة. ويدعم استنتاجه ان كتاب آرسطو هذا، ليس مؤلفا واحدا في الاصل، انما هو مجموعة نصوص رصفت الى بعضها ونسبت الى ارسطو بعد رحيله بزمن طويل.
واذ يضطر الكاتب الى التعامل مع مفهوم الاستبداد الشرقي كما لو انه ارسطي الاصل،

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *